مُنحت الفرصة لأكون الأم والمرأة التي أريد
في بلدة كثيفة التعداد السكاني، متماسكة النسيج الاجتماعي، نشأت طفلة أسماها ذووها فداء! كبرت فداء وصارت فتاة ثم امرأة، قبل أن تصير أمًا لطفلين، ولم تكن أمًا عادية.
أدركت فداء منذ اللحظة الأولى التي اكتسبت فيها لقب "أم" بأن مسؤوليتها عظيمة، والمؤثرات المحيطة بها تتطلب منها الإلمام بالكثير من المعلومات والمهارات لتتمكن من تنشئة أطفالها تنشئة سليمة. فما كان منها إلا أن سعت سعي المجتهدين وراء المعرفة، وارتادت ينابيع الفكرة، وتوجت معلوماتها بالأدلة العلمية والبراهين المنطقية.
حين كانت فداء تنظر حولها، كانت ترى الكثير من الأمهات في بلدتها يعشن حالة من الحيرة والضياع. كيف لا، وهن يحاولن جاهدات الموازنة بين كل ما يحدث حولهن من ناحية، وصحة أطفالهن النفسية والجسدية والعقلية من ناحية أخرى؟
عام ٢٠١٩، التحقت فداء بتدريب التربية الإيجابية في حياة الأهل اليومية في قريتها والتي تنفذه مؤسسة الرؤية العالمية. وقد جاء هذا التدريب استجابة لحاجة مجتمعية ظاهرة هناك تتمثل في ضرورة الحد من كافة أشكال العنف الممارس ضد الأطفال، سواء كان مقصودًا أم لا. وبعد ذلك بفترة وجيزة، التحقت فداء ببرنامج "هيا يا صغيري هيا" الخاص بالطفولة المبكرة وصحة الأم والطفل. "لقد اكتسبت الكثير من المعلومات التي ساعدتني في تغيير بعض الممارسات السلبية والخاطئة التي كنت استخدمها في تربية أطفالي"، تقول فداء.
وهنا تغيرت حياة فداء وعائلتها أيضًا، ذلك أن فداء لمست تغيرًا إيجابيًا ملحوظًا في علاقتها بأطفالها، وبدأت تشعر بأن علاقتها بهم صارت أكثر قوة وصلابة وتعلقًا آمنًا يقود إلى الإبداع. "لقد استفدت من برنامج هيا يا صغيري هيا وبرنامج التربية الإيجابية. وحصلت على معلومات لم أكن أعرفها من قبل، رغم أنني أتممت دراستي الجامعية وكنت أظن أنني أطبق مبادئ التربية السليمة مع أطفالي"، عبرت فداء. وأضافت: "إن العمل الذي تقوم به مؤسسة الرؤية العالمية هو عمل تكاملي، وبرامجها متداخلة وشمولية. فبرنامج هيا يا صغيري هيا ساعدني في العناية بأطفالي حسب متطلبات مراحلهم العمرية، وأكسبني معلومات وممارسات عن سلوكيات صحية من شأنها المساهمة في تمتع أطفالي بنمط حياة يساعدهم في التطور السليم. أما برنامج التربية الإيجابية، فقد جاء ليضع أسسًا للتربية السليمة التي تساعدني للتعامل مع أطفالي وإنشائهم في بيئة تضمن تمتعهم بحقوقهم، بعيدًا عن العنف، ومع مراعاة عمرهم وتفكيرهم ومشاعرهم".
بعد هذه التغييرات الإيجابية التي لمستها فداء، قررت أن لا تكون مجرد متلقية للمعلومة، وألا تحصر الفائدة التي حصلت عليها على نفسها. لذلك تقدمت بطلب للتطوع في مؤسسة الرؤية العالمية، وتم اختيارها نتيجة الحماس والدافعية التي لمستها المؤسسة لديها. وهنا كانت بداية مرحلة جديدة في حياة فداء المهنية، حيث تحولت فيها من مجرد مستفيدة من برامج المؤسسة إلى رسول فاعل لها.
تقول فداء: "بعد انضمامي كمتطوعة لدى الرؤية العالمية، تم تزويدي بالتدريبات اللازمة والتي ساعدتني على بناء قدراتي، ومن بينها التدريبات الخاصة ببرنامج صحة الأم والطفل، وكذلك برنامج حماية الطفل والمناصرة، مثل تنفيذ أنشطة إبداعية للأطفال. ومن ثم باشرت عملي في نقل المعلومات والمهارات التي اكتسبتها إلى نساء بلدتي التواقات للمعرفة." وتضيف: "أشعر بأنني صرت عنصرًا أكثر فاعلية في مجتمعي، وبأنني خرجت عن الدور التقليدي للمرأة، بل وللإنسان العادي بشكا عام، والمتمثل في كونه متلقي فحسب. كما وأنني فخورة لأنني جزء من التغيير الذي أشهده في مجتمعي فيما يتعلق بتطبيق المعلومات القائمة على النهج العلمي في تربية الأطفال. كما وأنني سعيدة جدًا لأنني أخدم المرأة الفلسطينية وأساعدها، ولو بالقليل، على القيام بدورها على أتم وجه."
"إنني ممتنة لمؤسسة الرؤية العالمية التي ساعدتني، كما غيري من نساء هذا الوطن، على أخذ أدوار قيادية هامة على مستوى المجتمع، وعلى الفرصة التي منحتني إياها لأكون الأم والمرأة التي أريد."